نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
1. ما هو دستور الإيمان؟
دستور الإيمان هو اعتراف بإيمان الكنيسة الجامعة الرسولية وتعبير عقائدي عن هذا الإيمان، وهو يتضمّن الحقائق التي تلقّتها الكنيسة من الرسل القديسين، تلاميذ المسيح المخلّص.
هذه الحقائق، لكونها عقائد الكنيسة، حُفِظَت نقيّة، بلا دنس ولا عيب، كما كانت في فلك مقدّس، في حضن الكنيسة الواحدة الجامعة المقدّسة الرسولية.
صاغَت الكنائس المحلية الحقائق الإلهية التي مُرِّرَت إليها في دساتير إيمان، واستعملتها كشعارات للاعتراف بالإيمان الأرثوذكسي، تميّز المؤمنين الأرثوذكسين. في الحديث عن هذه القوانين، أشار أوريجانس إلى هذا الدستور كما يلي: "هذا القانون هو التعليم المشتَرَك بين كل الكنائس، المسلَّم من الرسل القديسين والمحفوظ في التسلسل ابتداءً منهم إلى هذا اليوم".
الدستور المقدّس الشائع استعماله في الكنيسة اليوم هو الذي صيغ في المجمعين المسكونيين الأول والثاني، على أنه الاعتراف المشترَك للمسيحيين الذين يحفظون الإيمان الأرثوذكسي بحسب الاعترافات القديمة. انعقد المجمع المسكوني الأول في نيقية وصاغ التعبير العقائدي عن الإيمان الحقيقي والأرثوذكسي، المسمّى أيضاً قانون الإيمان أو دستور الكنيسة. هذا التعبير العقائدي صيغ بشكله الحالي في المجمع الثاني الذي انعقد في القسطنطينية (بحسب القديس غريغوريوس النيصّي، العظات التعليمية، الفصل الثالث).
2. ماذا يقول دستور الإيمان الجامع
البند 1. أومن بإله واحد، آب ضابط الكل خالق السماء والأرض وكل ما يرى وما لا يرى
البند 2. وبرب واحدٍ يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر الذي به كان كل شيء
البند 3. الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنس
البند 4. وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي وتألم وقبر
البند 5. وقام في اليوم الثالث على ما في الكتب
البند 6. وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب
البند 7. وأيضاً يأتي بمجد ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه
البند 8. وبالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب الذي هو مع الآب والابن مسجود له وممجد، الناطق بالأنبياء
البند 9. وبكنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية
البند 10. وأعترف بمعموديةٍ واحدةٍ لمغفرة الخطايا
البند 11. وأترجى قيامة الموتى
البند 12. والحياة في الدهر الآتي. آمين
3. بمَ نعترف من خلال البند الأول من دستور الإيمان؟
من خلال هذا البند، نعترف بأننا نؤمن بإله واحد، آب كليّ القدرة، خالق لكلّ الأشياء، منظور وغير منظور في آنٍ معاً.
4. بمَ نعترف في كلَ كلمة؟
في كلّ كلمة نعترف بحقيقة من حقائق إيماننا المقدّس، ضرورية للاعتراف بهذا الإيمان الأرثوذكسي.
5. بمَ نعترف في العبارة الأولى من الدستور "أؤمن"؟
نعترف بالفعل "أؤمن" بأنّ حقائق الدين المُعلَن للمسيح المخلّص تتخطّى كلّ فهم، كحقائق تتجاوز كلّ تصوّر ولا يمكن مقاربتها بالعقل بل بالإيمان.
6. لمَ يبدا دستور الإيمان بالإيمان؟
أ) لأن الإيمان هو الوحيد الذي يقود إلى الله
ب) لأن الإيمان هو الوحيد الذي يصالح الكائن البشري مع الله
ج) لأنّ بالإيمان فقط يُسَرّ الله بالبشر، كما يؤكّد الرسول بقوله: " وَلكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاء اللهِ" (عبرانيين 6:11)
د) لأنّ الإيمان هو عين كل ضمير ينير ويبثّ الحكمة، كما يقول إشعياء: "إن لم تؤمنوا فلن تفهموا" (9:7).
7. بمَ نعترف بقولنا "بإله واحد"؟
بعبارة "بإله واحد"، نعترف بوحدة الإله المثلّث الأقانيم. نعترف بأنّ الآب والابن والروح القدس هو إله واحد، أزلي معاً، لا بداءة له معاً، ممتنع عن الإدراك والتغيّر وملك لكلّ كمال [كما تفكّر بالله، عليك أن تفكّر بالآب، حتّى يكون التمجيد المقدّم إلى الآب والابن والروح القدس معاً غير مقسّم (كيرللس الأورشليمي، التعليم 6)].
8. ماذا نعني بعبارة "آب"؟
نفهم بعبارة "آب" أن الإله الواحد الممجَّد في الثالوث هو إله مثلّث الأقانيم، وأنّ في الإله المثلّث الأقانيم نميّز صفات شخصية: آب وابن وروح قدس، وأنّ الآب هو أصل الابن والروح القدس، وبالتالي، نحن نعبّر من خلال عبارة "آب" عن ما يلي: أ) عن الميّزة الشخصية لله الآب كأوّل شخص في الثالوث القدّوس، ب) قرابتنا وعلاقتنا بأبينا السماوي على أساس التبنّي الذي نلناه بمخلّصنا يسوع المسيح، لأنّ "كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ" (يوحنا 14:1)، "إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي" (رومية 15:8). يقول كيرللس الأورشليمي: "علينا أن نؤمن ليس بالله وحسب، بل أيضاً بأنّه آب الابن المولود الوحيد ربّنا يسوع المسيح" (التعليم 7).
9. ما هي آيات الكتاب المقدّس التي تحكي عن الإله الثالوثي؟
لدينا في الكتاب المقدّس كلمات المسيح المخلّص، إذ أرسل تلاميذه القديسين ليعلّموا، أمرهم بما يلي: "إذهبوا وتلمذوا كلّ الأمم معمّدين إياهم باسم الآب والابن والروح القدس" (متى 19:28). أيضاً يقول الإنجيلي يوحنا: "فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ" (1يوحنا 7:5). وفي رسالته إلى أهل رومية يقول الرسول بولس: "لأَنَّ مِنْهُ وَبِهِ وَلَهُ كُلَّ الأَشْيَاءِ" (رومية 36:11)، وبهذا يعلن الله المثلّث الأقانيم. وفي الرسالة الثانية إلى الكورنثيين، يقول أيضاً: "نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ اللهِ، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ الْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ" (2كورنثوس 14:13).
10. بمَ نعترف في قولنا "ضابط الكلّ"؟
نعترف بسيادة الله المطلقة وسلطانه على كل المخلوقات العقلية والحسيّة.
11. بمَ نعترف في قولنا "خالق السماء والأرض، كلّ ما يُرى وما لا يُرى"؟
نعترف بأنّ الله هو الخالق الوحيد للعالم المنظور المُدرَك الذي أوجده من العدم بإرادته الذاتية وصلاحه.
12. بمَ نعترف في البند الثاني من دستور الإيمان؟
في البند الثاني، نعترف بأننا نؤمن بإله واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كلّ الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، واحد مع الآب في الكيان، من خلاله كُوِّنَت كلّ الأشياء (يوحنا 1:1، 15:3، 62:6، 28:8، 5:17 و2كورنثوس 7).
13. ما الاعتراف الذي تحمله عبارة "وبربّ واحد يسوع المسيح"؟
بعبارة "الرب يسوع"، نؤمن ونعترف أ) ألوهة يسوع لأنّه يوجد إله واحد، ب) خلاص البشرية الذي تمّ به، لأنّ اسم "يسوع" يعبّر عن العمل لخلاص البشرية. إذاً، بهذه العبارة نعترف بأننا نؤمن بالإله الإنسان الذي هو مخلّص العالم.
14. بمَ نعترف بقولنا "يسوع المسيح"؟
نعترف من خلال هذا التعبير بأننا نؤمن بالمسيّا الذي أتى وسوف يأتي مجدداً، الذي توقّعه إسرائيل والأمم، الذي لكونه ممسوحاً (مسيحاً) لله سوف يخلّص البشرية من تسلّط الشيطان، وهذا المسيّا المنتَظَر هو يسوع المسيح.
15. ما معنى كلمة "مسيح"؟
كلمة "مسيح" تعني الممسوح، أي الممسوح بالزيت، إذ بحسب الناموس القديم، كان الكهنة والملوك والأنبياء يُمسَحون بزيت غالي الثمن ويُدعَون مسحاء او ممسوحين.
16. لماذا دُعي مخلّصنا "المسيح"؟
دُعي مخلّصُنا "المسيح" (مع أل التعريف) لأنّه كان ممسوحاً بشكل استثنائي وبامتياز فوق كل الباقين، إذ قد ولِد كاهناً وملكاً ونبياً. فهذا كان حاله بالواقع لأنّه ظهر الكاهن بامتياز والملك العظيم والنبي الفائق، لكونه مُسِح منذ تكوّنه في رحم مريم الكلية البتولية، ولأنّه كان المسيّا المنتَظَر.
17. ماذا يقول الكتاب المقدّس عن المسيح؟
يقول كاتب المزامير: "أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ مَسَحَكَ اللهُ إِلهُكَ بِدُهْنِ الابْتِهَاجِ أَكْثَرَ مِنْ رُفَقَائِكَ. "(7:45). أمّا إشعياء فيقول: "رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَعْصِبَ مُنْكَسِرِي الْقَلْبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَسْبِيِّينَ بِالْعِتْقِ، وَلِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ، لأُنَادِيَ بِسَنَةٍ مَقْبُولَةٍ لِلرَّبِّ" (1:61؛2، 7:42 ولوقا 18:4-20). في تطبيق قول إشعياء على نفسه، قال المسيح للذين في المجمع: "إِنَّهُ الْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هذَا الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ" (لوقا 21:4). بهذه الكلمات، أعلن يسوع نفسه لليهود على أنه المسيا المنتَظَر أو مسيح الرب.
18. مَن هو أوّل مَن دعا يسوع "المسيح" في العهد الجديد؟
أندراوس هو أوّل مَن دعا يسوع "المسيح"، عندما أعلم أخاه بطرس أنّه وجده: "فَقَالَ لَهُ:«قَدْ وَجَدْنَا مَسِيَّا» الَّذِي تَفْسِيرُهُ:الْمَسِيحُ" (يوحنا 41:1)، من ثمّ، المرأة السامرية، التي تحدّثت إلى المخلّص وقالت له: "قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا، الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ، يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ»" (يوحنا 21:4، 26). المجوس أيضاً سألوا: "«أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟»" (متى 4:2). بطرس دعا يسوع بالمسيح، أي المخلّص، عندما سأله السيد عمّن يكون: "«أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!»" (متى 16:16). يسوع نفسه سمّى نفسه المسيح: "حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ" (متى 20:16). يوحنا السابق سأل السيد عِبر تلاميذه: "«أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟»" (متى 2:11). ورئيس الكهنة استحلف يسوع باسم الإله الحي أن يقول لهم: "«أَسْتَحْلِفُكَ بِاللهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ؟»" (متى 63:26). وملاك الرب الذي أعلن ميلاد يسوع للرعاة سمّاه المسيح بقوله: "أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ" (لوقا 11:2).
19. إلامَ تشير كلّ هذه الآيات؟
هذه الآيات تشير إلى أنّ اليهود كانوا ينتظرون المسيا المسيح ويعتقدون أنّه ابن الله ومخلّص العالم.
20. هل يظهر اسم المسيا (أي المسيح) في العهد القديم؟
في العهد القديم، لا يظهر اسم المسيا إلا في المزمور الثاني وكأنه بالتفسير الاستنتاجي. إلا إن اسم المسيا يبدو على أنّه الاستدلال المنطقي لكل الأقوال النبوية في العهد القديم وحتى لكل تقليد اليهود المقدس الذي يبدأ مع البطريرك يعقوب (بحسب النص العِبري): "لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ"، أي أنّه المسيح الذي تنتظره الأمم (تكوين 9:49، 10).
21. كيف يُوصَف شخص المسيا الآتي؟
بدايةً، شخص المسيا ومجيئه موصوفان في العهد القديم بشكل باهت وخافت (مثلاً تكوين 3:12، 18:18، 16:22، 28:4، 10:29). لاحقاً، الخفوت والبهتان يبدآن بالتلاشي، إذ تبدأ الأمور بالاتّضاح، وشكل المخلّص يصير أكثر صفاءً (تثنية 15:18-18، مزمور 109:11، إشعياء 14:7، 6:50، 53، حزقيال 23:34-31، دانيال 21:9-27). من ثمّ، يتحدد زمان مجيئه تدريجياً (دانيال 24:9-27، حجاي 6:2-10، ملاخي 7). الشيء نفسه يحدث للمنزل والذرية التي منها سوف يُولَد (ملوك الثاني 16:2، إشعياء 1:11-3)، المكان (ميخا 5) وتفاصيل ميلاده (مزمور 10:101-11، إشعياء 1:11-3)، حياته (إشعياء 1:9-2، 19:26، 3:35-6، زخريا 9:9)، موته (مزمور 11:80-12، 10:40، 21:93، 22:48، زخريا 12:11-13، 10:12، إشعياء 7:53) وقيامته (مزمور 20:70، يهوشع 3:6، إشعياء 2، 60، وإرمياء 6:23، 31:30، ويهوشع 18:2ن يوئيل 28:2، عاموص 11:9، عوبديا 17، يونان 17:1، ناحوم 15:1، حبقوق 2:3، صفنيا 14:3، حجاي 8:2، زخريا 10:2، 8:14).
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
22. بماذا نعترف من خلال التسمية الأخرى: "ابن الله"؟
من خلال هذه التسمية نعترف بأن الربّ يسوع المسيح هو ابن الله الآب، الذي لا بداءة له، وأنه هو كلمة الله الذي يفيض من الطبيعة الإلهية، والشخص الثاني من الثالوث، وبهاء مجد الآب.
23. بماذا نعترف بكلمة "المولود"؟
بهذه الكلمة نحن نعترف بأن هناك ابن واحد وهو كلمة الله، وأنّه كان في حضن الآب، وقد وُلِد منه قبل الدهور.
24. ماذا يقول الكتاب المقدس؟
إنجيل يوحنا يدعو يسوع المسيح بالابن المولود ويقول : "وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا" (يوحنا 14:1)، ويضيف بعد ذلك "اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ" (يوحنا 18:1).
25. بمَ نعترف في قولنا: "المولود من الآب قبل الدهور"؟
نعترف بأنّ كلمة هو الوجود (الأقنوم) الثاني المميّز في الثالوث القدوس، وبالتالي هو كان في الآب قبل كلّ الدهور.
26. بمّ نعترف بقولنا: "نور من نور، إله حق من إله حق"؟
هنا نعترف بأنّ السيد يسوع المسيح هو ابن الله بالطبيعة وليس بالنعمة، كالذين نالوا التبنّي بيسوع المسيح (يوحنا 14:1، أنظر تعليم كيرللس الأروشليمي الثالث)؛ وبأنّه نور بلا زمن خارج من نور الألوهة المثلّث الشموس، وبأنّ الابن وكلمة الله هو نور كما أنّ الآب نور، لأنّه إله حقيقي لا بالنعمة أو بالاشتراك بالنعمة الإلهية، بل بحسب الطبيعة، على أنّه من الإله الحقّ الواحد، كما الشعاع من الشمس.
27. ماذا يقول الكتاب في هذا الإطار؟
يقول النبي إشعياء: "لاَ تَكُونُ لَكِ بَعْدُ الشَّمْسُ نُورًا فِي النَّهَارِ، وَلاَ الْقَمَرُ يُنِيرُ لَكِ مُضِيئًا، بَلِ الرَّبُّ يَكُونُ لَكِ نُورًا أَبَدِيًّا وَإِلهُكِ زِينَتَكِ" (19:60). ويقول الرسول بولس: "الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ" (عبرانيين 3:1). ويقول يسوع عن نفسه: "أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ" (يوحنا 12:8).
28. ما الذي نعترف به بقولنا: "مولود، غير مخلوق"؟
بهذه الكلمات نعترف ونشدّد على أن الرب يسوع المسيح هو ابن الآب الذي لا بداءة له وليس خليقةً تألّهت بالنعمة.
29. بمَ نعترف بقولنا: "مساوٍ للآب بالجوهر"؟
يسوع المسيح هو ابن من جوهر الآب، لا من جوهر مشابه له، لأنّ فيه كامل كيان الآب، كمثل النور من النور، وليس من كائن آخر. كما نعترف بأنّه الكلمة الإلهي الجالس على عرش الثالوث.
30. ما هو الاعتراف الذي نقدمه بقولنا "الذي به كان كلّ شيء"؟
هنا نعترف بأن الربّ يسوع المسيح هو ابن الله وكلمته، كمثل النور من النور، الإله الحق من الإله الحق، وليس أنّه غير مخلوق وحسب، بل أنّه هو الخالق لكل الطبيعة المنظورة والمُدرَكة، وأنّ به تكوّنت كل الأشياء ومن دونه لم يكن شيء مما كوِّن (أنظر يوحنا 3:1).
31. لماذا نعترف بأن به كان كل شيء؟
إن عبارة "به" تساوي عبارة "منه"، وهي تعلن أنّ التكوين كان بإرادته وتصميمه، وليس كما بأداة. يذكر الكتاب المقدّس: "كَانَ فِي الْعَالَمِ، وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ" أي "هو صنع العالم" كما يظهر من الفصلين الأول والثاني من إنجيل يوحنا.
32. بماذا نعترف في البند الثالث من دستور الإيمان أي في قولنا "الذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنّس"؟
من خلال البند الثالث نحن نعلن إيماننا ونعترف بأن الربّ يسوع المسيح، ابن الله وكلمته، نزل من السماء واتّخذ جسداً من الروح القدس ومن مريم العذراء التي حبلَت به بطريقة فائقة للطبيعة بمجرّد قبولها رسالة الملاك وإعلانها: "هاءنذا أمة للرب، فليكن لي بحسب قولك" (لوقا 38:1).
33. ماذا يقول الكتاب المقدس عن نزول الرب يسوع المسيح من السماء؟
يذكر الإنجيلي يوحنا ما قاله يسوع المسيح عن نفسه: "وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ" (يوحنا 13:3، 31، 28:16، و1 كورنثوس 47:15).
34. ماذا يروي الإنجيلي لوقا عن العذراء مريم كوالدة الرب يسوع المسيح؟
يقول الإنجيلي لوقا أن العذراء مريم قصدت أليصابات وسلّمت عليها، وأنّ اليصابات، امتلأت من الروح القدس، هتفت بصوت عظيم قائلة: " مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ!... فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ" (لوقا 39:45).
35. بمَ نعترف في قولنا "من الروح القدس ومن مريم العذراء"؟
إننا نعني ما يلي: الروح القدس الذي يقدّس ويحيي كلّ الأشياء، الذي منح الحياة لكلّ العالم المخلوق عند خلقه له، وأظهره قادراً على إنتاج الحياة الأولى في العالم، قدّس مستودع الدائمة البتولية مريم العذري وأفعمه بالحياة، وصار العلّة الخالقة لتجسّد الكلمة الإلهية وتأنّسه، حتّى أن آدم الجديد يتكوّن فتقدّم البشرية لكلمة الله إنساناً كاملاً وبلا خطيئة.
36. بمَ نعترف بقولنا "تأنّس" (أي صار إنساناً)؟
بعبارة "تأنّس" نعترف بأنّ الرب يسوع المسيح، كلمة الله، لكونه إلهاً كاملاً، صار إنساناً كاملاً، وهو إله-إنسان. أي أنّه، كإنسان كامل، له نفس عاقلة، وأنّ الطبيعيتين الإلهية والبشرية اتّحدتا في أقنوم (شخص، كائن) واحد من دون تشوّش أو تبدّل أو انقسام أو انفصال أو تحوّل، وأنّ كلّ طبيعة حفظت كل صفاتها الخاصة. "من دون تشوش" تعني من دون أن يتّخذ طبيعة بدل الأخرى. "من دون تبدّل" تعني أن أياً من الطبيعتين لم تتحوّل إلى الأخرى. "من دون انقسام" تعني أن أياّ من الطبيعتين لم تكن في خدمة الأخرى. "من دون انفصال" تعني أنّ الطبيعتين موجودتان معاً، و"من دون تحوّل" تعني أنّ الطبيعتين غير قابلتين للتبدّل بل تبقيان على حالهما إلى الأبد.
37. بمَ نعترف ونؤمن حول العذراء مريم؟
في ما يختصّ بالعذراء مريم، نحن نؤمن ونعترف بأنّها كانت مباركة بين النساء واختيرَت من بين كل الأجيال، وأنّها كانت عذراء قبل أن تَلِد، وأثناء الولادة، وأيضاً بقيت عذراء بعد أن وَلَدَت. لهذا هي تُسمّى "الدائمة البتولية" و"الدائمة العذرية" والعذراء بامتياز، لأنّها وَلَدَت الإله الذي صار إنساناً وظَهرَت حاملة الإله.------- ؛POSTED
38. ما الذي نعترف به من خلال البند الرابع في دستور الإيمان: "صُلِب عنّا على عهد بيلاطس البنطي وتألّم وقُبِر"؟
بهذا البند نحن نعلن إيماننا واعترافنا بأنّ الرب يسوع المسيح، إذ قد تانّس لأجل خلاص العالم، تألّم كإنسان على عهد بيلاطس البنطي، بالرغم من كونه غير قابل للألم في ألوهيته، وأنّه احتمل الموت من أجلنا ودفِن بالجسد، وفيما كان في الجحيم كإله بالنفس، كان في الفردوس مع اللص، ومع الآب والروح على العرش، متمماً كلّ الأمور التي يصعب وصفها.
39. بمَ نعترف أيضاً في هذا البند الرابع؟
نعترف بأن يسوع المسيح، من خلال موته على الصليب، صالح البشرية مع الله، بتقديمه نفسه إلى الآب كضحية طاهرة من أجل حياة العالم وخلاصه. لهذا السبب، كلّ الذين يؤمنون به يخلصون، فيما الذين لم يؤمنوا به يُعاقَبون، لكونهم تحت الخطيئة الجدية وخطاياهم الذاتية، فنحن لا نتبرر ونُفتَدى أمام الله إلا من خلال هذه التقدمة، لأن كل التقدمات الأخرى التي للناموس القديم صارت غير نافعة، لكونها ظلاً وحسب، وأن بموت المسيح المخلّص اكتمل عمل التدبير الإلهي، وأخيراً أنّ الرب يسوع المسيح هو رئيس الكهنة على رتبة ملكيصادق الذي، بحسب الكتاب المقدّس، دخل مرة إلى قدس الأقداس ووجد الخلاص الأبدي وبالتالي رئاسة هرون الكهنوتية انتهَت.
40. ما هي نتائج موت مخلصنا يسوع المسيح على الصليب؟
النتائج المخلّصة العالم المتأتية عن دم إلهنا الغالي الذي أُهرِق على الصليب، هي التالية:
أ)التطهر من الخطايا (يوحنا 7:1، عبرانيين 13:9، 14،...)
ب)التحرر من الخطيئة (رومية 20:6) ومن أبيها الشيطان (2تيموثاوس 26:2،...)
ج)الفداء من اللعنة (غلاطية 13:3، 1كورنثزس 20:6، 28:7، ...)
د) المصالحة مع الله (كولوسي 19:1، 22، روما 10:5، وغيرها)
ه)الارتباط بالله من خلال العهد الجديد (عبرانيين 15:9، 24:12، أفسس 13:818)
و)التبنّي والعيش مع الله (غلاطية 4:4، افسس 19:2، 2بطرس 4:1)
ز)التقدّس في الحياة الحاضرة من خلال نعمة الرب (1بطرس 24:2، أفسس 25:5-27، كولوسي 21:1-22، تيطس 14:2)
ح)ميراث المجد الأبدي والبركة (يوحنا 14:13، روما 10:5، عبرلنيين 20:2)
41. ما هو اعترافنا من خلال البند الخامس من دستور الإيمان: "وقام من بين الأموات على ما في الكتب"؟
إن اعترافنا وإيماننا المعبّر عنه في البند الخامس من دستور الإيمان هو: أ) أن الرب يسوع المسيح، حياة الكلّ، قام من بين الأموات، في اليوم الثالث، كما قال هو وكما تنبأ الكتاب المقدس وب) أنّه سوف يقيمنا مجدداً في اليوم الأخير، فنكون أوّل المولودين من الموت، كما أنّه هو أول الخليقة الذي يسود الأحياؤ والأموات.
42. بمَ نعترف في البند السادس من دستور الإيمان: "صعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب"؟
نعترف بأن الرب يسوع المسيح الذي قام من الموت، صعد بمجد إلى السماوات وجلس عن يمين الله الآب. نعترف أيضاً أنّه ظهر لتلاميذه القديسين لمدة أربعين يوماً، وأنّه عند صعوده حمل معه البشرية التي اتّخذ جسدها وقدّسه.
43. ماذا نعني بعبارة "جلس عن يمين الآب"؟
نعني أنّه جلس على نفس العرش مع الآب وبنفس المجد والسلطان اللذين كانا له قبل الدهور.
44. بماذا نعترف في البند السابع: "وسوف يأتي بمجد ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه"؟
بهذا البند نعترف بأننا نؤمن بالمجيء الثاني لربنا يسوع المسيح، الذي سوف يكون مملؤاً مجداً وقوة، والذي فيه سوف يقاضي الأحياء والأموات كقاضٍ عادل، وسوف يحاسب كلاً بحسب أعماله، وبمكافأته للأبرار سوف يمنحهم الحياة البدية، بينما في معاقبته للأشرار سوف يدينهم بالعذاب الأبدي، كما قال: " «وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ..." (متى 31:25-46) وكما يظهر البرق من الشرق إلى الغرب، هكذا سوف يكون ظهور ابن الإنسان "لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ" (متى 27:24).
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
45. بماذا نعترف من خلال البند 8 من دستور الإيمان: "وبالروح القدس، الرب، المحيي، المنبثق من الآب، الذي هو مع الآب والابن، مسجود له وممجد، الناطق بالأنبياء".
بهذا البند، نعترف بأننا نعترف ونؤمن بالروح القدس. هذا لأن الروح القدس هو إله ورب. إنّه الأقنوم الثالث من الثالوث القدوس، مساوٍ في الجوهر للآب، وكما أن الآب إله والابن إله الروح القدس أيضاً إله. إنه ينبثق من الاب. وهو معبود وممجّد مع الآب والابن. إنه معطٍ للحياة يخي كل الطبيعة، ما يتعلّق منها بالفكر أو بالحواس. إنّه ينير كل إنسان يأتي إلى العالم. الروح القدس يمنح كل الأشياء: يقيم الأنبياء، يعلّم الحكمة، يكمّل الأشياء، يشكّل كل مؤسسة الكنيسة، يقيم خدّام العلي المختارين لخدمة ليتورجيا الكنيسة، يشفي المرضى، يكمّل كل نقص، يقيم في الكنيسة في الزمان الآتي ويقودها إلى كامل الحق.
46. ماذا يُسمّى الروح القدس في الكتاب المقدس؟
يسمّى "المعزّي" (يوحنا 26:14، 7:16)، أي "المحامي" و"الذي يعزّي" _يوحنا 10:4)، "القوة" (لوقا 35:1)، "الموهبة" (أفسس 13:1) و"إصبع الله" (متى 28:12 ولوقا 20:11).
47. بماذا نعترف، لغاية الآن، في البنود الثمانية الأوّلى؟
بأننا نؤمن بإله واحد مثلّث الأقانيم: آب وابن وروح قدس، متساوٍ في الجوهر وغير منفصل.
48. ما الذي نقرّ به في البند التاسع: "بكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية"؟
نقرّ بأننا بعد الإيمان بالإله الثالوثي نؤمن بكنيسة الإله الثالوثي، أي بالمؤسسة الدينية الإلهية التي أسسها المسيح المخلّص وأطلقها الروح القدس يوم العنصرة، وبشكل شامل بالحقائق اللتي تعلّمنا إياها هذه مؤسسة الكنيسة الإلهية أنظمتها وأسرارها ووصاياها، التي بها وحدها الخلاص للعالم. هذا لأن سبب تأسيس الكنيسة ورسالتها في العالم هي استعادة ملكوت الله على الأرض من خلال خلاص الجنس البشري وشركته مع الله.
49. لماذا نقول "نؤمن بالكنيسة"؟
نقول بأننا نؤمن بالكنيسة، إذ من دون الإيمان يستحيل فهم وقبول خلاص الحنس البشري الذي يكتمل فيها، وأيضاً لتقبّل الأسرار التي تُمارَس لخلاص الإنسان وتقديسه كما كلّ الحقائق التي تعلّمها هي. ولأنّه يستحيل فهم أسرار الله علينا أن نؤمن بالكنيسة التي علّمها الروح القدس وثبّتها في قوّة هذه الأسرار وعملها.
50. ماذا نعني بـ"كنيسة واحدة"؟
بقولنا "كنيسة واحدة" نعني هذه المؤسسة الدينية الوحيدة الواحدة التي أسسها وثبّتها على الأرض المسيح المخلّص والروح القدس، والتي راسها هو المسيح. بتعبير آخر، نحن نعني الكنيسة الوحدة المقدسة الجامعة الرسولية التي عريسها المسيح نفسه، وبالتالي حيث يوجد عريس واحد تكون عروس واحدة.
51. هل كل الكنائس التي في العالم تشكّل كنيسة واحدة؟
نعم. كل الكنائس المحلية المنتشرة في العالم تشكّل كنيسة واحدة مقدّسة، لأنّه جميعاً تعترف بالإيمان نفسه، وقد خرجت من الكنيسة نفسها، والتي هي متحدة بها برباط لا ينفك روحياً. المحليّة لا تفكّ وحدة الكنيسة، عندما يوحّد إجماع الروح كل الكنائس.
52. ماذا نعني بـ"كنيسة مقدّسة"؟
عندما نقول "كنيسة مقدسة" نعني ونعترف بأن كنيسة المسيح مقدسة لأن: أ) المخلّص الذي أسسها هو يقدسها إذ يطهّرها بدمه الختص، لكي "يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ" (أفسس 27:5) وب) لأنها تأسست وتقدّست بالروح القدس الذي أتى وحلّ عليها وهو يبقى فيها في الحياة الآتية ويقدسها من خلال الكلّ.
53. ما معنى جامعة؟
بقولنا "جامعة" نعني أن هذه المؤسسة الإلهية التي للمسيح المخلّص، كونها موحّدة ومقدّسة، هي جامعة إذ إنّها تضم كل الذين يؤمنون بالمسيح وهي ترنو إلى ضمّ كل الجنس البشري، لكي تقدسه وتخلصه وتتحِده بجسد المسيح. إلى هذا، نعترف بأن كل الكنائس الموجودة في كل مكان، والتي تعترف بالاعتراف نفسه، هي واحدة مع كنيسة المسيح المقدسة وهي كجسده.
54. ما معنى "رسولية"؟
نفهم من خلال هذه الصفة ونعترف بأن الكنيسة الواحدة الجامعة هي الكنيسة التي أسسها الرسل القديسون بين الأمم. نحن نسمّيها رسولية ليس لأن كنيسة المسيح مؤسسة تعود للرسل بل لأنها كنيسة المسيح الواحدة المقدسة الرسولية التي أسسها الرسل أنفسهم.
55. ما معنى "أعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا"؟
هذا ما نذكره في البند العاشر كم دستور الإيمان، وهو أنّه يوجد معمودية واحدة لا غير لمغفرة الخطايا، معمودية الكنيسة الواحدة الجامعة الرسولية، التي تمارسها بحسب التعليم المعلَن من الرسل وطقوس الكنيسة، وما من معمودية أخرى تمنح غفران الخطايا.
56. ما هو اعترافنا في قولنا " أترجّى قيامة الموتى"؟
نحن نعترف بأننا نتوقّع قيامة الموتى، التي سوف تتمّ بحسب الكتاب المقدّس في يوم الدينونة، حين يأتي المسيح بمجد فيحاكم العالم، لأنّ كل البشر سوف يقامون بأجسادهم التي اتّخذوها في حياتهم على الأرض.
57. ما الذي نعترف به بإعلاننا في البند الثاني عشر من دستور الإيمان: "وأترجّى قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي. آمين".
بهذا البند نعترف بأنّ المعتمدين منّا بالمسيح يتوقّعون، بحسب الكتاب المقدّس، حياة مستقبلية أبدية، بلا توقّف ولا نهاية، وهي ختم ومدى العمل الفدائي للمسيح المخلّص.
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
الإلحاد مرض عقلي: إنه جرح مريع في نفس الإنسان يصعب شفاؤها. الإلحاد هو هوى يظلم مَن يتملّكه بقسوة. إنه يختزن الكثير من المصائب لمَن يحتجزه، ويصير مؤذياً ليس له وحسب، بل لكل الذين حوله.
ينكر الإلحاد وجود الله. إنه لا يقرّ بأن هناك خالق إلهي للكون، ولا يعترف بتدبير الله وحكمته وصلاحه وبشكل عام بصفاته الإلهية. يعلّم الإلحاد الكذب لأتباعه ويستنبط نظريات خاطئة حول خلق العالم. إنه يعترف، مثل بيثيا على المرجل ذي الثلاثة قوائم (بيثيا كاهنة إغريقية كانت تجلس على مرجل ذي ثلاثة قوائم من البرونز في معبد أبولو وتطلق التكهنات: المترجم)، بأن الخليقة هي نتاج الحظ، وأنها تستمر وتُحفَظ من خلال تفاعلات عشوائية لا هدف لها وأن بهاءها يظهر بشكل عفوي مع الوقت وأن ما يُشاهَد من التناغم والنعمة والجمال في الطبيعة هي صفات أصيلة للنواميس الطبيعية. ينكر الإلحاد على الله، الذي لا يعترف به، صفاته الإلهية، وبدلاً من ذلك، يمنح المدة الهامدة الواهنة هذه الصفات وهذه القدرة الخلاقة. الإلحاد يعلن بحرية أن المادة هي علّة كل شيء، وهو يؤلّه المادة بهدف إنكار وجود كائن أكثر سمواً ذي روح مبدع رفيع يهتم بكل الأشياء ويحافظ عليها.
بسبب الكفر، تصير المادة الكيانَ الحقيقي الوحيد، بينما لا يعود الروح موجوداً. بالنسبة للإلحاد، الروح والنفس هما من اختراع الغرور البشري الذي يلفقها لإرضاء مجده الباطل. ينكر الإلحاد طبيعة الإنسان الروحية. إنه يسحب الإنسان من المقام العالي الذي وضعته فيه قدرة الخالق ونعمته إلى أسفل ويضعه على مستوى الحيوانات غير العاقلة التي يعتبرها أسلاف ذريته المميزة النبيلة. يقوم الإلحاد بكل هذا ليشهد لكلمات المزمور: " انسان في كرامة ولا يفهم يشبه البهائم التي تباد" (مزمور 20:48).
الإلحاد ينتقص من الإيمان والرجاء والمحبة في العالم التي هي ينابيع معطية الحياة من الفرح والرجاء والمحبة . إنه يطرد البِر من العالم ويرفض وجود تدبير الله ومعونته. يقبل الإلحاد القوانين الموجودة في الطبيعة لكنه يرفض ذاك الذي ثبّتها.يسعى الإلحاد إلى قيادة الإنسان إلى سعادة خيالية؛ مع هذا، فهو يتخّلى عنه ويهجره في وسط اللامكان، في وادي النحيب، عارياً من كل الخيرات السماوية، فارغاً من كل تعزية تأتي من فوق، مجرداً من القوة الروحية، ثكلاً على الفضيلة الأخلاقية، ومعرىً من المؤن التي لا غنى عنها على الأرض: الإيمان والرجاء والمحبة.
يحكم الإلحاد على الفقير بالهلاك ويتركه واقفاً وحيداً كفريسة وسط صعوبات الحياة. إذ ينزع المحبة من داخل الإنسان، يجرده الإلحاد من محبة الآخرين له ويعزله عن العائلة والأقارب والأصدقاء. الإلحاد يقتلع كل أمل بمستقبل أفضل ويستبدله باليأس. إن الإلحاد مريع! إنه أسوأ الأمراض الروحية.
جميع الحقوق محفوظة لموقع القديس نكتاريوس العجائبي وموقع راديو ابانا